Thursday, December 4, 2014

Bruno , go pee الجزء الثالث

تطلب تدريب برونو سبعة أشهر .. سبعة أشهر من الاستيقاظ المبكر , التنظيف الدوري ومسح ألارض .. وتغيير ملائات السرير بعد كل كارثة والأخرى .. سبعة أشهر من التسنين الذي ترتب عليه مضغ كُل ما يقع بين فكيه  إبتداءَ من أحذيتي حتى كف يدي ذاته ..
احبطت كثيراً خلال هذه افترة و تصورت انني لن أنجح ابداً في تدريبه.. لكن لكل شيء تحت السماء وقت .. لا أتذكر تحديداً النقطة التي بدأ بها يستجيب لتكرار التدريبات , فقط ابتدأ بالتحسن .. يوم بعد يوم وأنا أري نتائج و طاعة و تفاهم .. ربما لم يكن هو من يتدرب هنا فقط , بل أنا أيضاً ..
بعد هذه الفترة صار التفاهم بيننا كالتنفس , أعلم ماذا أفعل و ماذا أقول و كيف أقوله ليستجيب .. كيف أغير نبرة صوتي , كيف أوبخه بنظرة عيني , كيف أوضح له إنني مستاء .. وبالطبع تعلمت كيف أوضح له إنني فخور بما فعل وإنه such a good boy ..
لو تأملت ذاتي قبل مجيء برونو في حياتي , أي من سنتين , لوجدتني شخصاً خجولاً يفتقد إلي قليلٌ من الثقة بالذات .. وجود برونو أعطاني هذه الثقة .. ربما في المرات الأولي التي حاول بها فرد سيطرته عليّ وعرض فكرة إنه الألفا ههنا بزمجرة أو محاولة مزيفة للعض .. *حاول عضي مرة ففوجيء إني أعضه في المقابل , الأمر كان يشبه "سيب وأنا أسيب"* .. ربما الفكرة ذاتها بأنني مسؤول بشكل كامل عن كائن حي متفاعل و ذكي كبرونو .. ربما إنني نجحت في تدريبه مما أشعرني بالفخر .. لا أعلم .. ! .. أعلم فقط إني تغيرت للأفضل .. ولهذا أنا ممتن للأبد .. !
بعد عامه الأول صار الأمر محتمل بالنسبة لأمي , صار رفيق أبي في شيخوخته , دائماً إلي جواره يشاهدان التلفاز سوياً .. 
وتكَّون لدينا هذا الروتين اليومي الذي لا يتغير , يقولون ان الكلاب are creatures of habits و أنا أظن ان هذه المقولة حقيقة .. 
اذا ما دخلت البيت يستقبلني بحفاوة ولكن لا يقترب مني أكثر من متر واحد .. يدور حولي في دائرة , يقفز فوق أمي ويقبلها , لكن لا يقترب طالما لم أسمح له بعد .. أقوم بما أقوم به ثم أناديه لنلعب سوياً او لنأخذ قيلولة سريعة .. يأكل وأنا آكل *في ألأغلب يصوم طوال فترة غيابي* و ينام وقتما أنام , فقط قبل النوم نذهب سوياً إلي الحمام , و أطلب منه بأدب : Bruno , Go pee .. فيأخذ في اللف بدوائر داخل الحمام ثم يفعل ما يفعل , أهنئه على إنجازه بقبلة وبعض التشجيع و الطبطبة ثم نشاهد فيلماً ما , أنا أنظر للشاشة وهو ينظر لي .. ثم ننام , ولا مانع من قبلة أخيرة قبلها ..
نستيقظ , أمي تطلب منه إيقاظي قائلة : "برونو , صحي مينا " فيفهم ان الامر متعلق بي بشكل او بأخر , يأتي إلي جانبي و يستكمل نومه بالطبع , بلا صحي بلا كلام فاضي .. ثم تأتي أمي لتجد خيانته , تعاتبه بقبلتين وتأخده للحمام : Bruno , go pee .. و تبدأ الدائرة مرة أخرى .. 
لو سأندم على أي شيء فعلته مسبقاً , لن يكون إدخال جرواً صغيراً رائعاً في حياتي كبرونو , لكن الوقت الذي كان بإمكاني فيه التواجد معه ولم أفعل .. أعلم إنه كانت لنا لحظانتا , تعلم العوم في البحر بجانبي , لعبنا الكرة حتى تبول من فرط السعادة .. مرحنا وجرينا فوق العشب , قمت بتفليته شعرة شعرة بحثاً عن البراغيث الملاعين , التي بالطبع اصابته إثر ما سبق , ذهبنا لطبيبه كأنني أصاحب طفلي إلى هناك, أحتضنته ألف مرة كأنها الأخيرة .. لم أعلم ان واحد من هذه الأحضان سيكون بالفعل الأخير .. ولكن كما قلت , لكل شيء تحت السماء وقت .. 


Saturday, November 22, 2014

أنا وبرونو -الجزء الثاني- وقعنا في شباكه



كان يوم ممطر من شتاء 2012 , شهر فبراير على ما أتذكر ..
كنت قد جعلت خالي*  يضغط على والدتي بعض الشيء لكي توافق على جلب جرواً  كي يرافقني في حياتي ..
في ظروق عادية كانت عارضت بشدة , ولكانت اسمعتني اسطوانتها الشهيرة "أنا مش حمل كلاب ولا البيت حمل كلاب " .. لكن ظروفي النفسية وقتها لم تسمح لها بالعند معي , كنت قد خرجت تواً من حطام علاقة سابقة وهي تعلم انها ستعاند بقايا انسان آيلة للسقوط , فكتمت غيظها ووافقت على مضض ..
أين كنا , نعم , كان يوم بارد وممطر , خرجت من امتحان الرياضيات , أول امتحان نهائي أواجهه في كلية الهندسة , هذا يفسر لم اليوم عالق في ذاكرتي , كنت أحل معادلات رياضية بداخل مبنى ما الأمطار تنهطل من كل مكان والشبابيك تنغسل بالمطر .. كان يوماً عجيباً ..
انتهيت من الامتحان , أو هو انتهى مني , وخرجت انا واحد اصدقائي لنركب مع أمي السيارة ..
إلى أين؟ سألت أمي
شبرا يا طانط , قالها صديقيي مينا , الذي يملك كلبة كوكر ..
نحن في طريقنا الآن نحو جروي الخاص الأول .. لا اسم له بعد , لا أعرف شكله بعد , ولا حتى لونه .. فقط أعرف إني سأقع في حبه لحظة رؤيته ..
وصلنا تحت بيت مينا .. فاخذت قطع قماش من السيارة وصعدت لأجلبه ..
وفي خطى مبتلة من الأمطار وصلنا أمام باب الحمام , حيث يوجد عالم أخر من الفرو , لونه ذهبي متكتل جرواً فوق الأخر بحثاً عن الدفء .. مع فتح الباب انتفض عالمهم وسارعوا بالصراخ والجري أنحاء المكان .. جمعناهم , وأدخلناهم مرة أخرى .. خرج صديقي من الحمام وبيده جرو هادئ شبه نائم , عمره 40 يوم .. وقال لي "أنا عاوزك تاخد ده , ده اهدى واحد وعنده شلاضيم" .. وطبعاً رد فعلي هو اني لففته بسرعة في القماش و ضممته لي ليجد الدفء ..
في طريق العودة , تطلع الجرو من بين الأقمسة لينظر ماذا يحدث , وجد أمي تداعبه بابتسمامة ,اظن ان لصغره لم يكن يدرك اي شيء بحق , ربما اعتقد انني انا  امه .. المهم هو انه دخل بداخل الأقمشة لينام بهدوء ..
عندما وصلنا المقطم كان عليّ جلب اللبن له .. تركته مع أمي في السيارة ,وعندما رجعت قالت لي
"الكلب ده شكله اصيل . مرديش يعملك بيبي عالكرسي , نط نزل عمله عالدواسة .. "
كانت أمي مبتسمة بالفعل ,وقعت في شباكه هي الأخرى ..
ولكن عندما نصل للمنزل , ماذا سيحدث ؟ سيكون له سرير؟ سينام بجانبي ؟ ..
هذه كلها تساؤلات سأجاوبها  .. في المرة التالية  
                               تو بي كونتنيود ...  
 



*خالي الذي اقنع امي بشراء الجرو , هو خالي الذي توفى بعد ذلك بشهور قليلة ..* 

Friday, November 21, 2014

انا و برونو .. الجزء الأول -القرار-

أعلم تماماً انه في كل مرة سأخرج للسير بجوار منزلي سأتذكره , طريقة مشيه المضحكة عندما نسير جنباً لجنب .. 
يأتي في بالي اليوم الأول الذي قررت فيه اننا سنسير كل يوم بعض الوقت كنوع من الرياضة له ولي.. 
كنت مضطرب لأنها أول مرة له خارج المنزل ,كان سنه 5 شهور فقط ربما ,ولكني كنت سعيد!!
 اتجهت بالسيارة لأقرب حديقة أعرفها , دخلنا و ظللنا نجري و نتدرب على طريقة السير التي ستبقى بيننا .. هو خلفي , هو دائماً خلفي .. ذلك سيرسخ في عقله انني انا الألفا , أنا الذي يقود .. أنا الذي يُتكل عليه .. وقد كان .. منذ ذلك اليوم سرنا سوياً مئات المرات -بالأولي نقول خضنا مغامرات- , مرات بها صخب و أوامر  بالجلوس والسكون .. ومرات اخرى هادئة لا داعي حتى فيها لتواجد الطوق الذي يلبسه ..


قبل أن آاتي ببرونو . أو حتى آخذ القرار ,تشاورت الأمر مع صديقي العزيز جوجل -وأمي بالطبع , سنتكلم عن ذلك لاحقاً- ..
فقرأت كمية هائلة من الكتب والمقالات عن الكلاب و أنواعها و تدريبها و العناية الصحية بها , كل ما يمكنك تخيله !
ثم اعددت ورقتي الخاصة ..
ما هو المطلوب مني /ما الذي استطيع ان اقدمه .. كل ذلك كان يشير بالنهاية إلي فصيلة واحدة من الكلاب ..
الكوكر سبانيال , كلاب بطبعها طيبة وحنونة , غير مؤذية للأطفال , يفضل تربيتها
indoors , تساقط شعرها وسطي .. و هي سريعة كالرياح ! .. بالأصل سُميت كوكر على اسم طائر انجليزي اشتهرت هذه الفصيلة باصطياده , فهكذا تحول من ال –اسبانيال- للكوكر اسبانيال ..
لكن يبقى فقط السؤال , كيف تحول الكوكر اسبانيال  إلي برونو .. !؟؟

Saturday, September 27, 2014

العلاقة بين القبلة الأولي والهارمونيكا و فوريست جامب


عندما أحمل الهارمونيكا وأقبلها على فمها , وأغرق داخلها , وأنفح بها روحي .. عندها أشعر بتلك الخفة التي يتكلمون عنها بالروايات , انت ثقل حبة رمل .. أنت تكاد تتلامس مع الأرض , أنت لست من هنا , أنت لست تراب ..
عندما أمسلك القلم , وأوصل طرف انبوبه بعروقي , ,انزف فوق الورق كلمات , عندها أشعر بتلك الخفة , أنا لست عادي .. أنا لا أزن 74 كيلوجرام بعد .. أنا أرتفع فوق مقعدي , أنا لا أتبع قوانين جاذبيتكم الأرضية .. سيد نيوتن .. انت مخطيء ..
عندما أقف فوق ذلك الخط الرفيع بين العوالم , عندما أشد الحبل الذي يربطني بالأرض , عندما أصل لمحطة القطار التي وصل لها نيو في فيلم "ذا ماتريكس " .. انا لست تائه بعد .. قد وصلت ..
 لا , أنت لا تزال تائه لكن منتش بالإحساس .. لا تشعر بألم ولا سعادة .. أنت مخدر .. أنت تحب كونك مخدر .. لا تريد الرجوع .. ولا تريد الإستمرار .. لو كان بيدك آلة زمن لرجعت لتلك اللحظة ألف مرة .. لحظة تشعر بالإندورفين يتدفق في دمك .. تريد ان تسند رأسك على حائط بارد .. وتسترخ ..
أنا لا أعرف في الحقيقة عن ماذا أتكلم ههنا .. أنا أعلم إني أردت الرجوع للكتابة , ولا يوجد أفضل من إلتقاط لحظات الخفة هذه وتجسيدها في كلمات .. أظن إني جيد في فعل ذلك ..
لا تعرف ما هي لحظات الخفة ؟ حسناً إليك بعض الأمثلة .. 
أول مرة تلامست أيديكم .. كانت أول مرة تلامس أطراف حبيبتك ! .. أنت بالصف الثانوي , شعر يدك ينتصب , عمودك الفقري يقشعر .. الدم يتدفق وقلبك كمحرك مقطورة ..
أول مرة قبلتها , تتذكر جيداً كيف تخيلت ان فمها كان بوابة سحرية , خلفه عوالم ناعمة .. أردت أن تستلقي على ظهرك و ترتجف من فرط السعادة ..
غريب هو موضوع تكرار "أول مرة هذا" .. دائماً أول مرة لها وقع سحري .. لها "ثقلها" الذي يعطيك خفتك ..
أظن أن قلمي يكسوه الصدأ حالياً .. وأظن أيضاً ان هذه الكلمات لن تصل لقلب أحدهم .. وأظن إني أفكر كثيراً فيما يظنه الأخرون .. يبدو إنني لن أكف عن هذه العادة المؤذية ..
هل تعرف الموسيقى التي تسمعها في خلفية حلقات كونان , عندما يخدر كونان سيد  توجوموري ويشير إلي القاتل , يقول اسمه بعنف , القاتل هو أنت سيد "تاكاشيمي" , ثم يظهر وجه المجرم مرتعب ؟ .. تسمع تواً  صوت الساكس , ثم يبدأ كونان بشرح كيف تمت الجريمة ..
لسبب ما , أنا واقع تحت سحرها ..
أنا كونان .. لا .. أنا الساكس .. أنا النغمات المضبوطة .. أنا أنفاس العازف .. أنا خفيف كالريشة ..
تتسارع  الموسيقى وتغدو أسرع حدة .. فأطير كالريشة في بداية فيلم "فوريست جامب" .. ثم أسقط في هدوء حتى أرسو بجانب حذائه !
أنا لا أعرف حقاً ما هي النقطة وراء ما أكتب , فقط أعلم جيداً إنني كلما التقطت موقف مما سبقوا و تصورته و تركته ينتقل من خيالي لأطراف أصابعي في شكل كلمات ,وإنه كلما غصت في التصور والتشبيه وإلتقاط المشاعر , كلما زدت خفة أكثر فأكثر .. وأنا أحب ذلك الشعور .. لذا اكتب .. 



Friday, May 2, 2014

لي فترة لم أدع نفسي أظهر فوق الورق هكذا .. لا عنوان سيحتوي ما كتبت

يوجد لدي تلك الأمنية -أو يمكن أن ندعوها  حلم يقظة- بأن يأتي يوم ما أجد فيه شخصاً يقبلني "بعبلي" كما يقولون ..
أن يتصالح مع عيوبي المنفرة , من حساسيتي المبالغ فيها .. أن يتعرف علي الجانب البائس من طفولتي ويضمه ويقبله فيقلل من اثره علّي .. 
يقال إننا نبحث في شبابنا و ما يليه عن اشخاص متشابهين مع من مروا علينا وتركوا اثراً سلبياً في طفولتنا ..
ولم نفعل ذلك ؟ .. لسببين , أولاً لأننا نحب التعذيب الذاتي , بدافع خفي في طيات عقلنا الباطن بإننا لا نستحق الحياة أو السعادة او شيء ما .. كل شخص يظن ان لديه ما لا يستحق بأي حال ..
والثاني : هو الأمل يا عزيزي .. الأمل بأن هذا الشخص سيأتي ولكنه لن يفعل بنا كما فعل ابائنا واصدقائنا الذين اذونا في الطفولة .. سيأتي ويصحح كل شيء .. 
لو دققت في الأمر لوجدت تناقض عجيب .. الأمل لا يمكن أن يتواجد مع العذاب من تكرار تجربة فاشلة , "وحدهم الأغبياء يكررون التجربة ذاتها مرتين ويتوقعوا نتائج مختلفة" .. ولكن في سياق مشاعرنا البشرية المعقدة .. ينزاح التناقض تماماً .. يمكنك أن تظن خاطئاً إنك تكرر تجربة بشرية مرتين .. و بالفعل تأتي بنتائج مختلفة كل مرة .. هنا يتدخل الأمل و يصقل المنطق بنعومته .. 
لنرجع لحلم اليقظة ذاك مرة أخرى ..
الفكرة ذاتها لها طعم شهي في حلقي .. أن أجد تلك الفتاة التي ستتفهم كُل شيء .. تحتضن كُل شيء .. لن تسعى لتغير شيء .. 
أن تتقبل إني شخص هوائي .. اليوم أحب الموسيقى , ولكن بالغد سأحب الرسم ..  وبعده سأرجع للموسيقى مرة أخرى .. 
اليوم أنا متحمس لما أعمله , بالغد سأكرهه .. 
تلك مهمة شاقة للشخص الغير صحيح .. ولكنها سهلة كالتنفس لها ..
أن تعي إني عندما أكتب , فقط أول عشرة سطور سيكون لهم ذلك الخط المنمق المنظم , أما الباقي سيختلف .. 
وأن القلم الذي أكتب به يؤثر بشكل او بأخر علي جمال ما سأكتب من محتوى .. كلما أحببت القلم , كُلما زاد جمال المحتوى ..
ربما ما أقوله آلان هو درب من العته لك .. ولكن لها .. هو المنطق ذاته .. هي ترى ما هو أعمق مما بين السطور .. هي تنظر إليّ و تكشف كُل ما كتب منذ أول صفحة في كتابي .. تخترقني ببساطة .. 
أنا لا أسعى للرومانسية أو الحب الأفلاطوني المؤرق .. أنا أسعى للتقبل .. التقبل اسمىَ .. ان تنظر لشخص ما وتشعر بروحك تسعى للخروج من جسدك لكي تتلامس مع أطراف روحه , أن لا تخجل من طرح ذاتك العارية أمامه , كُل عيوبك وكُل نقاط ضعفك ظاهرة .. فيأتي ببساطة ليضمدها ويقُبلها في حنان أمومي بحت .. أن يشاطرك الألم كأنه هو من يتألم لا أنت ..

كُل ما أخافه , هو إنه عندما أجد ذلك الشخص أن لا ترى عيني طيات كتابه كما يراني هو .. أن لا أخترقه كما يخترقني . تلك فكرة محبطة , وأنا أتجنب التفكير بها .. إن كان لدي أمل كافي بأن أجد تلك التي ستجعلني أرى نفسي إنسان أفضل .. فما المانع بأن أتمنى أن يكون ذلك شيئاً مشترك .. أن أجعلها تتقبل ذاتها بتقبلي لها .. أن أحتضن طفولتها و ما شوه من روحها .. 
أن أجد الجنة علي الأرض .. يومها أظن أن فكرة بقائي علي قيد الحياة ستكون محمسة أكثر.. 


Saturday, April 26, 2014

الخالد وشاردة ..

(كل ما ورد من معلومات علمية لم يتم مراجعتها للتأكد من صحتها , وجب التنويه)
تتبعنا الإنفجار الأعظم  ملايين الأعوام إلي الوراء , بالأخص عند تلك اللحظة التي انفصلت فيها مجرة درب التبانة ..
صارت مجرة كاملة , ثائرة ولكنها ستؤؤل للإستقرار يوماً ما ..
في خضم التصارع والتجاذب بين القوى الكونية وبين ثقوب سوداء عاتية تعمل كالمكنسة تشفط حتي الضوء ..
نجد هذان النجمان ..
 وبما إننا لا نزال في ما قبل التاريخ والبشر والعهود والوعود ..  دعونا نسميهم بأنفسنا ..
لنسمي الأول خالد والثاني شاردة ..
وراء هذين الاسمين دلالات تسطر هيكل قصتنا هذه .. خالد لديه الكثير من المادة بداخله , سيتطلب إخماده ملايين السنين أو ثقباً اسوداً قاتلاً ..
أما شاردة فهي شاردة , لها حجم كبير لكنها نجم غازي ينشط أسرع وينفذ أسرع ودعونا نقول إنه في مسار يجعلها تتحرك أسرع وفي إتجاه معاكس لإتجاه خالد ..
وما المشكلة في كُل هذا ؟ ..
المشكلة ان خالد وقع في حبها .. منذ كانا ذرة وحيدة مضغوطة قبل الإنفجار .. لكم كان محظوظ أن يتحولوا كلاهما لنجوم بمجرة واحدة ..
أراك تسأل عن المشكلة في ذاك ! ..
ان نجمنتنا شاردة , تتحرك في مسار متعامد علي مسار خالد ..
أتعلم ماذا يفعل الخالد لكي يراها ؟
ينتظرها 1000 عام .. ترتفع أمامه النجمة في بريقها الارجواني وقلبها الثائر الأحمر الملتهب ,تتطاير خلفها المذنبات وتنفجر من الحرارة كالألعاب النارية للخلفية ...
وما الخلفية ؟ .. أفق من النجوم و المجرات والشهب والحجارة والرخام والمعادن ... أفق يضطر جهازك العصبي ان يركع أمامه ويبكي من شدة ضألتنا وشدة جماله ..
1000 عام من الإنتظار .. في الصمت الموحش .. الصمت الحقيقي الذي لم نختبره قط علي أرضنا ! ..
ان تصمت فتسمع أصوات عروقك تنبض وصوت دمك يسري بهدوء داخل أوردتك وقلبك يشعل الحفل ولا يهدأ ..
الصمت الذي لا تستطيع حنجرتنا البشرية إختراقه .. إنتظر الخالد ..
يتلاقي النجمان مرة واحدة كُل الف عام .. لمدة 24 ساعة .. يقضيه مع حبيبته الشاردة دائماً وابداً ثم ينظرها وهي تنطلق مرة اخرى علي مسارها الذي يبدو من عنده ملتحماً بالأبد ..
كل مرة يلقاها , يجدها أقل إشعاعاً وأكثر شحوباً .. مرت الاف الأعوام ولقاءهم المقدس مستمر ..
أخر كلمة نطقتها الشاردة لحبيبها السرمدي الخالد .. خالد .. هذه المرة لن أعود ..
لم يصدقها .. هو يعلم ان النجوم لا حول لهم ولا قوة ولا يقررون مصائر انفسهم .. سيظلان في مسارهم ذلك إلي الأبد ..
في ميعاد المقابلة المعهود .. ألقى الخالد نظرة علي الأفق .. تأخرت حبيبتي ..
ولكن عندما راقب عن كثب .. وجدها قادمة .. لم يعد لها كياناً ماديا ... صارت فراغاً ضئيلاً .. لا بل صارت كثافة رهيبة ... صارت بوابة لعالم من الفوضى .. نفذ وقودها وتحولت إلي ثقباً اسود ..
اقتربت أو بالأحرى ابتدأ الخالد بالإقتراب منها , قوة الجذب إليها كانت عنيفة جداً .. ظن أنه سمع صوتها تنادي بأنها أسفة ..
اما هو ففي حياته التي لم يكن يعلم متى بدأت ولا متى تنتهي لم يكن سعيداً كيوم هذا .. لا فقط سيتخلص من صمت الكون الموحش .. بل سيسحق بيدي حبيبته ذاتها ويذوب داخلها .. كيف له أن يتمنى أكثر ..
                                                                                                          تمت..

Saturday, March 1, 2014

يوميات مع شبيهي في المرآة .

مرة أخرى أقف أمام المرآة , هالات من السواد تحتل أسفل عينيّ .. اللون الأصفر يغطي بياض البؤبؤ , الشعيرات الدموية باهتة ..
مرة أخرى في بداية يوم جديد وأنا أبتسم غصباً في المرآة وأتكلم مع شبيهي القابع أمامي , قرأت إن ذلك يحسن من الصحة النفسية بشكل عام , لكن صار الأمر عادة لا يمكن التخلص منها الآن ..
بالأول كرهته , شبيهي هذا .. ثم اشفقت عليه , ثم أحببته الآن ..
اليوم اراك قد صرت رجلاً .. قلتها له .. كان قراراً صعباً , لكنه ضروري .. أنصاف الحلول لا تليق بك ..
يرد بنظرة مكسورة من عينه المائلة للصفار ..
هّاي , لا تنظر لي هكذا , قد تناقشنا بهذا الأمر مراراً وتكراراً .. ! أنا و أنت لسنا حقل تجارب لمشاعر تلك الفتاة الغير مكتملة !
أعلم إنك لا تزال تكن لها المشاعر , يمكنك مضاجعة نفسك لو أردت .. هذه المشاعر لا قيمة لها امام الألم الذي ستعيشه مجدداً ..
أنا لست قاسي .. أنت الرخو !
أنا أفكر أحياناً بطريقة ما أقتلك بها , أعلم إني لو هشمت المرآة الآن لن يؤثر ذلك بك , ستطاردني بمنامي أيها الوغد ..
أنظر إليّ وقُل لي في عيني إني أكذب , قُل لي ان الأمر لن يكون مؤلماً لو تخلت عنك من جديد ..
ينظر للأرض ويتفادى تلاقي أعينا .. وغد رخو ..

كما توقعت , أنا علي حق مرة أخرى , هذه المرة لن أدعك تلين كما فعلت سابقاً .. هذه الأيام ولت ..

هيا الآن , لنا 10 دقائق ونحن بالحمام , دع الماء الدافئ يتدفق فوق رقبتك .. الطم وجهك ببعضاً منه ..
دمعة تتسرب من عينه اليسرى , لا لا , هذه نقطة مياه ..
إهدأ .. تخلص من الادرينالين و من حرارة جسدك , هاك , بعض الماء البارد ..
ها , هكذا .. نعم .. هكذا أفضل ..
أرفع يدي المبللة وأمدها لأغلق مفتاح النور .. يختفي .. مؤقتاً .. 

Monday, January 13, 2014

الإنتحار وسيارتي وبعض الأشياء الأخرى


فكرة الإنتحار أو .. لنكون أدق .. مرحلة الإنتحار .. إحدي المراحل التي في الأغلب مررنا بها .. 
وهي تقع من الإعراب بين المراهقة والنضج ..
يظن الشخص منا إنه إذا هدد العالم كفاية قد يخاف منه وينفذ له ما يتمني .. 
وما يتمنى هنا قد يتفاوت بين "أريد موبايل جديد" إلي "زوجوني منه/منها وإلا .. "
وتأتي المفاجأة والصدمة الأولي : العالم من حولك لا يكترث ..
من وسط ال7 بليون نسمة المتراكمين فوق صفائح الكوكب التكتونية .. لن يكترث الكوكب بمُعضلات حياتك و يتكرم حتي بالنظر إليك ..
وتعرف لماذا ؟ .. 
لأن -ببساطة- حياتك غير مهمة بالمرة .. أنت وللحق هو الشخص الوحيد الذي من المفترض أن يكترث لحياتك ..
من المُفترض -نظرياً- إنني انتهيت من مرحلة المُراهقة .. أو هي إنتهت مني لا أعلم تحديداً .. ولم تسيطر عّلي فكرة الإنتحار يوماً .. احياناً تبدو الفكرة مُغرية .. ولكن ذلك لا يدوم لأكثر من ثلاث ثوان .. ثم أتخيل أمي وهي تنهار من الخبر وأتراجع ..
مهلاً إذن .. يبدو أن لدي ما أخسره ! .. وهذا هو سبب تراجعي عن الفكرة (التي لم تسيطر علّي يوماً ) ..
 وإن كان لديك ما تخسره فأنت تخدع نفسك لو ظننت إنك مستعد للرحيل ..
عن نفسي .. أوجدت بدائل في رأيي أفضل من هذه الفكرة ..
إليك الحل :
كُلما جلست علي مقعد السيارة .. ولخمس ثوان , أخاطب الله ..
-إلهي العزيز .. مرحباً .. اليوم نتقابل ؟ .. حادثة مثلاً ؟
وتعلم بماذا يرد ؟ ..
بالطبع تعلم ! .. هو يتجاهلني تماماً .. كأي أب إذا سأله ولده نفس السؤال يوماً !
أتعلم متي اتفاجأ؟ ..
لو جاءني رد ! ..
-هلا يا بني .. مللت تساؤلك .. اليوم نتقابل .. نعم حادثة .. سأفتقدك حتي وقتها .. الوداع الان .. سأذهب لتحضير مكان لإستقبالك ..
------
أنا وأنت .. أجبن من أن نترك الحياة ببساطة هكذا .. والدليل هو قلقي ..
ولأن دائماً يوجد لدينا ما نخسره ..
والحقيقة إنني كنت خجِّل من الإعتراف بما سبق وقلته .. أنا لست جبان .. ولا أخاف الموت !
ولكننا نولد و غريزة البقاء تندفع في عروقنا .. نتجنب النار و السيارات المسرعة و نقلق من سيرة الموت ..
----

وتلك هي الخُدعة ! نحن نتجنب الموت طيلة حياتنا , لإن ببساطة لم تحن نهايتها بعد .. 
وحينما يأتي الوقت .. (الذي في إعتقادي هو إتفاق منسي بيننا وبين الله) .. لن تكون لدينا ذرة خوف .. ستكون مُقابلة مهيبة إنتظرناها طيلة عُمرنا .. 
----
حتي تأتي تلك اللحظة .. خُذ بعض الوقت واختلي بنفسك .. 
امسك ورقة وقلم و احسب عدد الأشخاص في حياتك , من منهم يحبك حُب غير مشروط , من منهم قد يتلقي طلقة طائشة بدلاً منك !! من منهم قد تفديه أنت بحياتك ؟! 
لو وجدت شخصاً واحداً !! .. سأراك فارغاً من الحجج .. لديك ما يستحق ان تعيش من أجله ! .. لديك ما تخسره .. سأحتقرك إن استسلمت ! .. 
ولا تقلق بالعموم .. كما قلنا هي مرحلة .. يبدو إني انا الاخر مُحتجز بها معك بشكل أو بأخر .. لكنها ستنتهي .. بالتأكيد ستنتهي .. حينها سأركب أنا السيارة وأخاطب الله في أشياء أهم من موعد لقاءنا .. و قد أدعوك لشرب بعض المانجو الطازج علي قهوة ما تطل علي بحر اسكندرية .. وسنتمارح انا وانت عن كم كنا سخيفين .. وسنضحك حتي يصيبنا الغثيان ونفقد التوازن .. ربما سنركب سيارتي بعدها وننطلق .. وسأصمت لخمسة ثوان من جديد .. 
-إلهي العزيز .. مرحباً .. نعم فات الكثير .. هلا حفظت الراكب بجواري اليوم !؟ يبدو شخصاً لطيفاً ولا اريد أن تكون نهايته علي يدي داخل هذه السيارة .. لاحقاً إذن .. 


Wednesday, January 1, 2014

حلم يقظة

أتعلم ماذا أريد ؟
أريد أن أركب سيارة .. ليست سيارتي .. أريد واحدة أسرع ثلاث مرات علي الاقل .. وبعض المطر لترطيب سطح الأسفلت .. بالطبع ليس لأداري دموعي كما يقول أشباه الرجال هؤلاء ..
سيارة بعصا تغيير سرعات يدوي .. وطريق مفتوح للأمام حتي انه يكاد يبدو ملتحماً بال-لانهاية ..
أضغط علي دواسة البنزين بكل عزم .. وأطلق دواسة الدبرياش في عجلة .. تصدر السيارة صهيلاً كوحش يعذب يرجو الحرية ..
حبات المطر ستجعل الاطارات تصرخ علي الارض عند الانطلاق .. سينبعث منها الأدخنة و يتطاير الغبار المندي .. رائع ..
سأحدث ضجة .. وأرجو أن لا تكون مسموعة .. ضجة صامتة ..
أنطلق بالسيارة التي بعد تفكير قررت أن تكون BMW M3 .. حبات المطر ترتطم بالزجاج الأمامي كالحشرات علي الطريق الزراعي .. تتهشم و تنقسم و تتطاير من فوقه .. هذا في البداية .. مع الإقتراب من 170 كم/ساعة سيتحول المشهد من الزجاج الأمامي إلي لوحة أورجازمية لمحبي السرعة .. ستبدو السيارة كأنها تخترق جدار المطر الساكن .. سيسكن الكون حولك و تري حبات المطر متجسدة شبه معلقة في الهواء و أنت تطعنها بمقدمة السيارة و تهشمها ..
لا مانع من بعض العوائق في الطريق والتي سأتفداها بمنتهي المتعة .. يمين .. يسار .. أضغط بنزين ..لا .. مكابح .. هذا عائق و هذا مطب .. هذا سد و هذه حفرة .. هنا أطير بالسيارة وهنا اهدئ من زئير محركها ..
نشوة ..

ماذا أريد بعدها .. ؟ لا شيء .. سأحصل علي سلام مؤقت .. وأكررها كلما نفذ .. ربما .. فقط ربما .. يحدث ما أرجوه دون قصد مني .. عندها نرتاح جميعاً .. عندها يعم السلام دون الحاجة لصدمات من الأدرينالين الساري في العروق ..