Thursday, December 4, 2014

Bruno , go pee الجزء الثالث

تطلب تدريب برونو سبعة أشهر .. سبعة أشهر من الاستيقاظ المبكر , التنظيف الدوري ومسح ألارض .. وتغيير ملائات السرير بعد كل كارثة والأخرى .. سبعة أشهر من التسنين الذي ترتب عليه مضغ كُل ما يقع بين فكيه  إبتداءَ من أحذيتي حتى كف يدي ذاته ..
احبطت كثيراً خلال هذه افترة و تصورت انني لن أنجح ابداً في تدريبه.. لكن لكل شيء تحت السماء وقت .. لا أتذكر تحديداً النقطة التي بدأ بها يستجيب لتكرار التدريبات , فقط ابتدأ بالتحسن .. يوم بعد يوم وأنا أري نتائج و طاعة و تفاهم .. ربما لم يكن هو من يتدرب هنا فقط , بل أنا أيضاً ..
بعد هذه الفترة صار التفاهم بيننا كالتنفس , أعلم ماذا أفعل و ماذا أقول و كيف أقوله ليستجيب .. كيف أغير نبرة صوتي , كيف أوبخه بنظرة عيني , كيف أوضح له إنني مستاء .. وبالطبع تعلمت كيف أوضح له إنني فخور بما فعل وإنه such a good boy ..
لو تأملت ذاتي قبل مجيء برونو في حياتي , أي من سنتين , لوجدتني شخصاً خجولاً يفتقد إلي قليلٌ من الثقة بالذات .. وجود برونو أعطاني هذه الثقة .. ربما في المرات الأولي التي حاول بها فرد سيطرته عليّ وعرض فكرة إنه الألفا ههنا بزمجرة أو محاولة مزيفة للعض .. *حاول عضي مرة ففوجيء إني أعضه في المقابل , الأمر كان يشبه "سيب وأنا أسيب"* .. ربما الفكرة ذاتها بأنني مسؤول بشكل كامل عن كائن حي متفاعل و ذكي كبرونو .. ربما إنني نجحت في تدريبه مما أشعرني بالفخر .. لا أعلم .. ! .. أعلم فقط إني تغيرت للأفضل .. ولهذا أنا ممتن للأبد .. !
بعد عامه الأول صار الأمر محتمل بالنسبة لأمي , صار رفيق أبي في شيخوخته , دائماً إلي جواره يشاهدان التلفاز سوياً .. 
وتكَّون لدينا هذا الروتين اليومي الذي لا يتغير , يقولون ان الكلاب are creatures of habits و أنا أظن ان هذه المقولة حقيقة .. 
اذا ما دخلت البيت يستقبلني بحفاوة ولكن لا يقترب مني أكثر من متر واحد .. يدور حولي في دائرة , يقفز فوق أمي ويقبلها , لكن لا يقترب طالما لم أسمح له بعد .. أقوم بما أقوم به ثم أناديه لنلعب سوياً او لنأخذ قيلولة سريعة .. يأكل وأنا آكل *في ألأغلب يصوم طوال فترة غيابي* و ينام وقتما أنام , فقط قبل النوم نذهب سوياً إلي الحمام , و أطلب منه بأدب : Bruno , Go pee .. فيأخذ في اللف بدوائر داخل الحمام ثم يفعل ما يفعل , أهنئه على إنجازه بقبلة وبعض التشجيع و الطبطبة ثم نشاهد فيلماً ما , أنا أنظر للشاشة وهو ينظر لي .. ثم ننام , ولا مانع من قبلة أخيرة قبلها ..
نستيقظ , أمي تطلب منه إيقاظي قائلة : "برونو , صحي مينا " فيفهم ان الامر متعلق بي بشكل او بأخر , يأتي إلي جانبي و يستكمل نومه بالطبع , بلا صحي بلا كلام فاضي .. ثم تأتي أمي لتجد خيانته , تعاتبه بقبلتين وتأخده للحمام : Bruno , go pee .. و تبدأ الدائرة مرة أخرى .. 
لو سأندم على أي شيء فعلته مسبقاً , لن يكون إدخال جرواً صغيراً رائعاً في حياتي كبرونو , لكن الوقت الذي كان بإمكاني فيه التواجد معه ولم أفعل .. أعلم إنه كانت لنا لحظانتا , تعلم العوم في البحر بجانبي , لعبنا الكرة حتى تبول من فرط السعادة .. مرحنا وجرينا فوق العشب , قمت بتفليته شعرة شعرة بحثاً عن البراغيث الملاعين , التي بالطبع اصابته إثر ما سبق , ذهبنا لطبيبه كأنني أصاحب طفلي إلى هناك, أحتضنته ألف مرة كأنها الأخيرة .. لم أعلم ان واحد من هذه الأحضان سيكون بالفعل الأخير .. ولكن كما قلت , لكل شيء تحت السماء وقت ..